معايير جديدة لتجربة العملاء في عصر التطور المعلوماتي

شهد قطاع المعلومات تطوراً سريع الوتيرة في العام الماضي على المستوى العالمي، وتجلى ذلك واضحاً من خلال النمو الكمّي والنوعي لعدة تقنيات وتطبيقات في مجال تقنية المعلومات والاتصالات. وعلى صعيد الشرق الأوسط، ارتفع حجم المحتوى الرقمي المتداول بين الأفراد والمجتمعات المحلية نتيجة النمو المذهل للمعلومات الرقمية، مترافقاً مع الانتشار الهائل للجيل التالي من شبكات الاتصالات المتنقلة على وجه الخصوص.
ورغم أن بنية الشبكة الأساسية هي جوهر الاتصال الشبكي، الا أن معظم المستخدمين لا يرون التجهيزات والمتخصصين التقنيين الذين يعملون خلف الكواليس لانشاء الهيكلية الفعلية لشبكات الاتصالات، وليس لديهم إلمام بالتفاصيل التي غالباً ما تكون متشعبة ودقيقة، وانما تقتصر معرفتهم على النتائج الملموسة لبنية هذه الشبكات التحتية وتجهيزاتها ودقائق ميزاتها الفنية، وهو الأمر الأهم بالنسبة إليهم في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من هذه الحقيقة، يعتبر من المهم بالنسبة لأولئك الذين يعملون على توفير خدمات الاتصالات أن يأخذوا وقتاً كافياً، ويفكروا مليّاً في الفرص طويلة المدى التي يفرزها السوق، وفقاً لتوجهات المستخدمين في الشرق الأوسط، لا سيما أن عدد المشتركين في الاتصالات المتنقلة من المتوقع أن يزيد على 250 مليون مشترك بحلول 2012 في المنطقة.
تطوير الاتصالات
ويتمحور تطوير الاتصالات حالياً حول مستخدمي الأجهزة النقالة، وعليه، فلا بدّ من تزويدهم بالوسائل التي تمكّنهم من الوصول بسرعة وسهولة الى شبكات الاتصالات المتنقلة. وفي سبيل تسهيل هذا التطور، يقع على عاتق مزودي ومشغلي الشبكات مسؤولية كبيرة نحو الالتزام بتوفير عناصر متكاملة، تتناسب مع احتياجات المستخدمين وتطلعاتهم على الوجه الأمثل. وفي الشرق الأوسط، تشتمل هذه العناصر على:
السرعة المتفوقة: ويعني ذلك امكانية الوصول الى شبكات سريعة، حيث تُعرَّف السرعة بأنها أقل فترة انتظار ممكنة، وليس مجرد نطاق ترددي. وهو أمر في غاية الأهمية، لا سيما أن الانترنت المتنقل ينمو بمعدل أسرع بضعفين من الانترنت الثابت. وكذلك يجب اتاحة الوصول السهل الى خدمات تقنية المعلومات والاتصالات في اي وقت ومن اي موقع.
الجودة العالية: والمقصود بها اتاحة الخدمات التي يمكنها توفير المحتوى الالكتروني عالي الجودة، بما في ذلك وسائط الاعلام ثلاثية الابعاد والتقنيات فائقة الوضوح، بالاضافة لابتكارات متطورة محاكية للواقع.
سهولة الاستخدام المتناهية: وتتمثل بتوفير الاجهزة التي تحتوي على ميزات من شأنها الارتقاء بسهولة الاستخدام والاستفادة بشكل افضل من القدرات البشرية الطبيعية والبديهية في التطبيقات القابلة للتحكم عن طريق الصوت والحركة، على سبيل المثال.
من المؤكد ان تجربة المستخدم تدفع عجلة تطور تقنيات الشبكات، وفيما يتزامن الارتقاء بتجربة المستخدم مع احدث شبكات الاتصالات المتنقلة، يظهر طيف جديد من الفرص في عالم تقنية المعلومات والاتصالات.
دعم العائدات
وفقا لتوقعات مؤسسة «اوفم» Ovum للاستشارات والابحاث، ستنخفض عائدات الخدمات الصوتية على مستوى العالم بنسبة 8.4 في المائة بحلول 2015 مسجلة بذلك تراجعا من 663 مليار دولار اميركي في 2010 الى 608 مليارات دولار اميركي في 2015، وفي الوقت ذاته، ستشهد عائدات خدمات البيانات زيادة بنسبة 10 في المائة لتصل الى مقدار هائل يبلغ تريليون دولار اميركي.
ويبدو ان هذه التوجهات ليست بمنأى عن منطقة الشرق الاوسط، بل تنطبق عليها ايضاً، فقد افاد تقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة بيراميد Pyramid للابحاث ان الخدمات الصوتية التقليدية للاتصالات المتنقلة في عدد من البلدان آخذة بالتراجع، مع ارتفاع استخدام بيانات الاتصالات المتنقلة بنسبة تعتبر من اعلى المعدلات في هذا القطاع حول العالم.
ورغم ان قطاع الاتصالات في المنطقة تم انشاؤه بناء على توفير الخدمات الصوتية بالدرجة الاولى، وهو الامر الذي اكتسب مشغلو الاتصالات المتنقلة من خلاله معظم عائداتهم لفترة طويلة، فان هؤلاء المشغلين يسعون للتعويض عن الخسائر في عائدات الخدمات الصوتية، ولذلك يتعين عليهم استغلال الفرص التي تتيحها البيانات، ولكن يواجههم التحدي المتمثل في التطور المستمر للبيانات من مجرد نصوص واصوات الى وسائط اعلامية متعددة تزخز بالمعلومات، وتتسم بكونها ذات ترميز يلائم الجيل التالي من صيغ تبادل الوسائط الاعلامية، والتي بدورها يجب ان تتوافر على نطاق اوسع لتشمل كل التطبيقات المتنوعة، بما في ذلك الاتصالات قريبة المدى والتجارة الالكترونية والتواصل عبر الشبكات الاجتماعية.
* ما المطلوب مستقبلا؟
– على الرغم من المكاسب التي تم تحقيقها عبر انتشار اتصالات النطاق الترددي العريض، يحتاج قطاع الاتصالات الى تجميع قدر كبير من البيانات على نحو فعال، سعياً للوصول الى فهم واستجابة افضل لمتطلبات العملاء، وذلك من خلال شبكات ذكية ذات مرونة عالية من شأنها تسهيل الوصول الشبكي بشكل فوري عند الطلب. ومن أجل تلبية هذا الطلب المتنامي على اتصالات النطاق العريض، وكذلك تحسين تجربة المستخدمين وتعزيز العائدات وهوامش الارباح التشغيلية، فان مستقبل قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في 2012 يعتمد على ستة اوجه رئيسية:
إنشاء شبكات اتصالات متنقلة عريضة النطاق قادرة على نقل البيانات ذات الحجم الهائل على مستوى الــ«غيغا بت».
التحول من الشبكات السلكية المتطلبة للعمليات المكثفة والصيانة الى شبكات الوصول بالألياف الضوئية.
دعم التحول نحو «الشبكات المرتكزة كليا على بروتوكول الانترنت» AII-IP للوصول بالاتصالات الى مرحلة الاعتماد الكلي على حزم البيانات. انشاء شبكات قائمة على مركزية البيانات ومراكز البيانات عن طريق استخدام البنية الأساسية لتقنية المعلومات القائمة على الحوسبة السحابية.
تحديث أنظمة دعم العمليات أو أنظمة دعم الاعمال (او ما يسمى BSS/OSS) للتأقلم مع البيئة المفتوحة للقطاع والنموذج التشغيلي لتوفير الخدمات عند الطلب.
ومما لا شك فيه ان الجمع بين تحسين تجربة المستخدم وتقنيات الشبكات في الشرق الاوسط سيدفع خدمات المعلومات الى التفاعل والتعاون بشكل اقوى ويعمد لتعزيز التطبيقات الجديدة، ونظرا للعلاقة الوثيقة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية واتصالات النطاق العريض، تعتبر أوجه التطوير المذكورة انفا اكثر اهمية من أي وقت مضى لتوفير حلول اتصالات النطاق العريض عالية الجودة بقيمة معقولة للمستخدمين عبر انحاء المنطقة.